ولاد أبو إسماعين وعبادة الأشخاص

في صورتهم الخارجية، حريصون أشد الحرص على أن يظهروا وكأنهم رجال
الإسلام الأصليين، الذين نجوا من تقلبات الزمن، وحافظوا على أنفسهم كما هم
منذ القرن الثاني الهجري، وكأنهم جماعة من الصحابة والتابعين، وصلوا إلينا
حالا عبر آلة الزمن.


إلا أن هذه الصورة ما إن تقترب
منها، حتى تكتشف أنهم قادمون فعلا عبر آلة الزمن، أو أي آلة أخرى، لكن ليس
من عصر الصحابة والتابعين، وإنما من جبال ومغارات وكهوف (تورا بورا) بكل
ما تتقيؤه على البشرية من عقول تجمدت على شكل وفكر ورؤية واحدة، مثل الآلة
التي تيبست تروسها، وترفض الدروان مجددا، مهما وضعت لها من زيوت وشحوم.


أغلقوا آذانهم وقلوبهم وعقولهم
إلا عن كلمات مبهمة يرددها "شخص وثقوا به ولم يكن جديرا بثقتهم هذي"،
تعاملوا معه باعتباره "المخلص" و"منقذ الدين" و"حامي الشريعة"، وخلعوا عنه
رداء الإنسان السياسي الساعي لمنصب، الذي قد يصيب وقد يخطئ، وألبسوه رداء
المنقذ القادم من السماء، كل ما يقوله مصدق، وكل ما عداه باطل، وبايعوه على
الشريعة... ومن يعرف معنى هذه العبارة أرجوه يرسل لي.


- تقول لهم: لم يكن صادق، وما من أحد منزه عن الأخطاء.


- يقولون لك: لم نعهد عليه كذبا


- تقول لهم: عدم كذب الإنسان من قبل لا يعني عدم كذبه مطلقا وإلا كان معصوما


- يحولون دفة الحديث قائلين: أصبحتم الآن تصدقون الداخلية؟


- تقول لهم: المحكمة أمرت الداخلية بتقديم ما يفيد حصول والدته على الجنسية من عدمه.



ليس
لديهم مانع في تغيير القانون والدستور لصالح شخص، ليس لديهم مانع في فعل
(كل ما رفضه التيار السلفي تحت حجة منع الفتنة) لصالح شخص ثم يهاجمون من
يقول إن ما يفعلونه (هوس) غير مشروع

- يقولون لك: حكم المحكمة نصر من الله


- تقول لهم: أمريكا أرسلت ما يفيد حصول والدته على الجنسية


- يقولون لك: إنها مؤامرة ضد الإسلام


- تقول لهم: لماذا لا يقدم مستندات تثبت صحة موقفه؟


- يقولون لك: البينة على من ادعى ... وسيقدم مستنداته في الوقت المناسب


وعندما (فات الميعاد .. وبقينا بعاد)، هتفوا بملئ حناجرهم "يسقط يسقط حكم العسكر"!!


تقول لهم لماذا تهتفون بسقوط حكم العسكر الآن؟


يقولون لك: ألم تهتفوا بسقوط حكم العسكر من قبل؟ لماذا تلوموننا الآن؟؟!!



عندما
حاول بعض منهم النظر للقضية بعقله، قالوا: حتى لو كانت يهودية (لازم
حازم)، لتدخل كلمة (لازم) في القاموس السياسي، وتبقى مصر متفردة، بعجائبها
ومساخرها

ليس لديهم مانع في تغيير
القانون والدستور لصالح شخص، ليس لديهم مانع في قطع الطريق والاحتجاج
والاعتصام (كل ما رفضه التيار السلفي تحت حجة منع الفتنة) لصالح شخص ...
ويهاجمون من يقول لهم أن ما تفعلون ليس سوى (هوس) غير مشروع.


كما فعلوا الدكتور مصطفي
النجار عضو مجلس الشعب، عندما خاطبهم على "تويتر" قائلا: "سحقا للهوس
والفُجر باسم الدين"... مؤكدا أن مشروعية الاعتصامات والتظاهر تأتى من
مشروعية أهدافها ونبلها في طلب حق مشروع، وأنه لا يمكن التعاطف مع من
يدافعون عن كذب وتدليس يستوجب مساءلة لا شفقة.


فما كان منهم إلا أن اتهموه
بالتلون والهجوم على حق التظاهر والاعتصام الذي كان معه في السابق ... إلى
آخر هذه الترهات، التي تجعلك في النهاية تقرر ألا تجادلهم، بعدما أفقدوك
الأمل، ولا يتبقى لك وقتها سوى الدعاء على مبارك لما فعله في العقول.


مهاترات لا تنتهي، ولف ودوران وإلباس الحق بالباطل والباطل بالحق.


لدرجة أنه عندما حاول بعض منهم
النظر للقضية بعقله، قالوا: حتى لو كانت أمريكية أو يهودية حتى (لازم
حازم)، لتدخل كلمة (لازم) لأول وآخر مرة في القاموس السياسي، وتبقى مصر
متفردة، على مر التاريخ والحضارات والأمم، بعجائبها ومساخرها.


لا أنفي أن للرجل طلة وحضور
قوي وكاريزما عالية وسرعة بديهة، تجلت في أقوى صورها عندما رد على مزحة
وجود شقة تطل على حائط لا يحمل صورته، وبغض النظر عن مستواه الثقافي
والسياسي، وبعيدا عن آرائه السياسية والفقهية حول (البيبسي – جوزة الطيب)،
خلاص بقى الله حليم ستار، لكن هذه الكاريزما لا تكفي لأضفي على الرجل كل
هذه القدسية، ولا نملك إلا أن نكلل تعاطفنا معهم وإشفاقنا على ما وصلت إليه
عقولهم، وما تعانيه قلوبهم من صدمة، بالابتهال لله أن يرفع عنهم ما
ابتلاهم به.


هذه الكاريزما لا تكفي ليعلن
أنصاره الجهاد من أجل ما لم يستطع إثباته، والاعتصام في العواصف الترابية
من أجل أمور مشكوك فيها، خاصة أن هذه الفئة رافعين شعار (سنحيا كراما) رفضت
أول فرصة حقيقية توفرت لها لتكون كريمة حقا، بسحب ثقتها من شخص خدعها.


كنت أتمنى ويتمنى غيري ممن
يستعملون عقولهم، أن تكون هذه الهبة (الإسلامية) وهذا (الجهاد) المزعوم من
أجل قضية حقيقية، وما أكثر القضايا الحقيقية، والدماء التي أسيلت، والأعراض
التي انتهكت، والفتايات اللاتي سحلن، وتعرين، وتعرضن لكشوف عذرية، فلم
يجدن من رعاة الإسلام الجدد سوى غض الطرف والتجاهل، وفي أقصى تحركاتهم
تململوا وشجبوا وأدانوا، ثم عادوا ليقولون في قنواتهم على لسان أشباه
الرجال: (ايه اللي وداها هناك؟)، (أليس لها رجل يطالب بحقوقها؟) وغيرها من
العبارات التي قضت على أي دماء أو كرامة أو حياء أو نخوة.. ولا تملك أمامها
سوى أن تقول لمرددها كلمة: يا واد يا مؤمن.

وانا مؤيد لراى الاستاذ مدحت بانة لايجب ان يقال هذا الكلام