التعصب آفة المجتمعات الإسلامية وتفتيت لقواها

ميسى ديسط: عضو مميز; الساعه الان :
عدد المساهمات : 133
نقاط : 252
تاريخ التسجيل : 05/05/2011

مساهمة رقم 1

التعصب آفة المجتمعات الإسلامية وتفتيت لقواها

من طرف ميسى ديسط الإثنين يونيو 11, 2012 1:44 pm

التعصب آفة المجتمعات الإسلامية

وتفتيت لقواها

يُعتبر التعصب من أشد وأكبر الآفات الاجتماعية والنفسية التي تفتك
بالمجتمع ، وتؤدي إلى انهياره ، والتعصب بمعناه العلمي يعني الحكم المسبق
أو الفكرة المسبقة التي لا تستند إلى واقع موضوعي ، أو منطق سليم ، كما
يعني التعصب في العربية التحيز والتحايل ، أي تحيز المرء لبني قومه
وتحامله على من عاداهم ، وتكون هذه الفكرة لدى الفرد بحكم وجودها بين من
ينتمي إليهم فتنتقل إليه منهم ، فيكره أو يحب من تنسحب عليه الفكرة أو
الحكم دون سابق معرفة أو تجربة ، ومن ثم فمعظم المتعصبون مقلدون لغيرهم من
بني قومهم ؛ كما أن التعصب اعتقاد أو اتجاه مكتسب بالتعلم ، قد يكتسبه
الفرد من أبويه أو من معلميه أو من جماعات الأقران ، أو من وسائل الإعلام
المغرضة … إلخ ، من المؤسسات التربوية المؤثرة في تنشئة الفرد أو من جميع
هذه المؤسسات معا ؛ والتعصب عندما يرسخ في الفرد يُصبح سمة من سمات شخصيته
، وقد ينتقل إلى الفرد بالمحاكاة ، فالطفل غالبا ما يتشرب اتجاهات أبويه
نحو الآخرين ، فإذا نشأ الطفل بين أبوين متعصبين ضد فرد أو جماعة نشأ
الطفل على هذا التعصب ، لأن الطفل سريع المحاكاة ، وفي هذا يقول الشاعر :

وينشأ ناشئ الفتيان منا على ما كان عوده أبوه

ومن
ثم فالتعصب يُعتبر اتجاه نفسي ، ويتضح بصورة أكثر في مجال العلاقات
الاجتمـاعية وللتعصب آثاره السيئة على الفرد والمجتمع ، فبالتعصب ينتشر
الصراع بين الأفراد والجماعات ، الأمر الذي يؤدي إلى تصدع أمن وتماسك
المجتمع ، وانهياره وانتشار الجريمة والعنف ، وهذا يؤدي في النهاية إلى
تفتيت قوة المجتمع ، وللتعصب أنواع كثيرة ، إلا أننا سوف نستعرض منه نوعين
أساسيين هما :

1
= التعصب المحمود : وهو التعصب ضد أعـداء الدين إذا لم نأمن شرهم وفتنتهم
، حيث قال تعالى : ( وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله فإن
انتهوا فإن الله بما تعملون بصير وإن تولوا فاعلموا أن الله مولاكم نعم
المولى ونعم النصير … )(1)

2
= التعصب المذموم : وهو أن يتعصب مسلم ضد مسلم آخر ، كأن يتعصب المسلمون
العرب ضد المسلمون غير العرب أو العكس ، أو أن تتعصب جماعة إسلامية في
مجتمع ما ضد جماعة أخرى في نفس المجتمع ، فقد أخبرنا الرسول الكريم صلى
الله عليه وسلم فيما معناه : ( أن الأمة الإسلامية ستفترق إلى بضع وسبعين
فرقة كلهم في النار إلا فرقة واحدة ) ، أو كما قال صلى الله عليه وسلم ،
والشاهد أن كل جماعة تتعصب لفكرها التي تظن أنه هو الصحيح ، وقد يكون
مخالفا للكتاب والسنة ، فتظن بذلك أنها هي الفرقة الناجية ، وللتعصب
المذموم أسبابه النفسية والاجتماعية والعقلية .

فمن الأسباب النفسية :

1 = وجود اتجاهات سالبة عند المتعصب نحو المتعصب ضده .

2
= تعرض المتعصب للكثير من الإحباط ، فينصرف المتعصب إلى التعصب حيث يجد
منصرفا للعدوانية التي يُخلفها الإحباط لديه ، حيث إن الإحباط يؤدي بالفرد
إلى إحدى ثلاث ( العدوانية أو الانعزال والانطواء ، أو التبلد
واللامبالاة ) ، ولكنه في الغالب يؤدي إلى العدوانية وما التعصب إلا مظهر
من مظاهر العدوانية

3
= مشاعر النقص لدى المتعصب فيُعلن انتسابه لقيـم ومعايير الجماعة المتعصبة
، والتي على شاكلته ليقوى بها ، ويجد متنفسا لصرف مشاعر النقص على الأفراد
المتعصب ضدهم .

4 = ضيق الأفق فغالبا ما نجد المتعصبين في جماعتهم أفراد يتصفون بضيق الأفق .

ومن الأسباب العقلية :

1 = تشوه الإدراك لدى المتعصب ، فالإدراك لديه غير سليم .

2 = سطحية المعرفة لدى المتعصب .

3 = قلة التفكير عند المتعصب ، فهو فرد يفتقر إلى مهارات التفكير التي تساعده على وزن الأمور والتي قد تُخرجه من بؤرة التعصب .

ومن الأسباب الاجتماعية :

1
= تعرض المتعصب وجماعته التي ينتمي إليها لتجارب من الجماعة المتعصب ضدها
، وقد تكون هذه التجارب تاريخية ، ووضعها المتعصبون موضع التعميم .

2 = قلة شأن الفرد المتعصب ، فلا يجد مفرا إلا أن ينتمي إلى جماعته المتعصبة

ومن
العرض السابق لأسباب التعصب المذموم يتضح لنا أن الفرد المتعصب فرد غير
سوي ، يُعاني من الاضطرابات النفسية والعقلية . وبصفة عامة يتوقف التعصب
على مستوى الفرد الديني والعلـمي والثقافي ، والتعصب ظاهر بصورة كبيرة جدا
في الغرب الذي نجح في أن يوصله إلينا في بلداننا الإسلامية من خلال
الحواجز والحدود والفواصل التي اصطنعها بين البلدان الإسلامية ، والجنسيات
التي استُحدثت بعد السلطان عبد الحميد - رحمه الله – فكانت الجنسيات عنده
جنسيتين ( مسلم وكافر ) ، أما اليوم فأصبح المجتمع الإسلامي ينقسم إلى
العديد من الجنسيات الذي ما أنزل الله بها من سلطان والتي كانت سببا في
تفتيت قوة وشمل المسلمين ، كما ظهر في عصرنا الحديث القوميات والحدود
والفواصل الذي وضعها الغرب الصليبي حتى بين الأشقاء والتي أدت إلى ضعف
المسلمين ووجود الصراع بينهم .

ومن ثم فإن التعصب يعتبر من الأوبئة النفسية – الاجتماعية ، الذي لا يخرج
عن كونه اضطرابا نفسيا أو عقليا له آثاره الاجتماعية السيئة على الفرد
والمجتمع ، فبالنسبة للفرد نجد أنه يعيش في قلق وتوتر وخوف ، ولا يشعر
بالأمن والأمان ، وأما بالنسبة للمجتمع فغالبا ما ينهار ، ولا يوجد تماسك
بين أفراده الأمر الذي أدى إلى تداعي الأمم عليه كما حدث للمجتمع الإسلامي
، فاليوم يجتمع قادة المجتمعات الإسلامية ، وقد اتفقوا على ألا يتفقوا ،
فالخلاف بينهم وعدم الخروج بنتيجة مثمرة من سمات مؤتمراتهم ، لماذا ؟ ،
لأن كل قائد يحضر المؤتمر ومعه إطاره المرجعي الذي يتمسك به ، والذي يخالف
الكتاب والسنة ، إلا ما رحم الله تعالى منهم فأقاموا حكمهم على الكتاب
والسنة ، وبالتالي نجد أن أحفاد القردة والخنازير من اليهود الملاعين
يتحدونهم ويستهينون بـهم ، وسبحان الله ، بعد أن كانوا يخـافون الدخـول
إلـى الأرض المقدســة ( فلسطين ) أصبحوا يصولوا ويجولوا فيها بل ويتعدونها
إلى أراض مجاورة من أراضي المسلمين يُقتلون ، ويُعذبون أهلها ، بل يزيدون
في التعذيب والتقتيل أثناء عـقد مؤتمرات القمة كتحدي لقادة المسلمين ،
وكأنهم يقولون لهم افعلوا ما شئتم لن تستطيعوا أن تفعلوا لنا شيء ، فقد
أجرينا عليكم دراسة نفسية – اجتماعية وخرجنا بنتيجة هامة وهي ( إنكم
اختلفتم فيما جاءكم من الحق ، ومن ثم لن تتفقوا أبدا ) الأمر الذي جعلنا
نفعل ما نشاء ، ولا نبالي بكم ، فبعد أن كنا نهاب دخول الأرض المقدسة خوفا
ممن كانوا فيها ، أصبحنا نصول ونجول فيها ، وفي الأراضي المجاورة لها ،
ولم نكن مبالغين إذا قلنا أننا نجحـنا في إحكام السيطرة على العالم كله
شرقه وغربه ، شماله وجنوبه ، فماذا أنتم صانعون ؟

وهذه هي الحقيقة المُرة وللأسف الشديد ، وسيستمر هذا الحال على ما هو عليه
حتى نرفع راية الجهاد كما أمرنا الله – عز وجل – حيث قال في مُحكم التنزيل
: ( وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج …
)(1)
، أو يُذهب الله بنا ، ويأتي بقوم آخرين يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين
أعزة على الكافرين ، يرفعون راية الجهاد ، قال تعالى : ( وإن تتولوا
يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم … )(2) ، أيهما أقرب ، فهل من أذن صاغية ؟

كما أنه من الآثار الاجتماعية المترتبة على التعصب أيضا بالنسبة للمجتمع
انتشار العنف والجرائم ، وهذا ناتج عن الحقد والحسد الذي خلفه التعصب بين
الأفراد سواء المتعصب أو المتعصب ضده .

موقف الإسلام من التعصب :

لقد حرم الإسلام التعصب حتى ولو كان ضد غير المسلمين إلا في حالة واحدة ،
وهي إذا لم يأمن المسلمون شرهم وفتنتهم قال تعالى : ( وقاتـلوهم حتى لا
تكون فتنة ويكون الدين كله لله فإن انتهوا فإن الله بما تعملون بصير وإن
تولوا فاعلموا أن الله مولاكم نعم المولى ونعم النصير … )(3)
فإذا كان الإسلام حرم التعصب ولو كان ضد غير المسلمين ، فكيف يكون موقفه
من التعصب الذي يكون بين المسلمين بعضهم البعض ؟ ، إن المتأمل في كتاب
الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ليجد الكثير من الآيات الكريمة
والأحاديث الشريفة التي تحثنا على التمسك بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله
عليه وسلم ، قال تعالى : ( واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا
نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا
وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبن الله لكم آياته لعلكم
تهتدون … )(4)
، وقال صلى الله عليه وسلم : ( المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا ) ،
وقال صلى الله عليه وسلم : ( لا تجسسوا ولا تنافسوا ولا تحاسدوا ولا
تباغضوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا) كما قال صلى الله عليه وسلم
: ( مثل المؤمنون في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى
له سائر الجسد بالسهر والحمى ) ، وهذا قليل من كثير ، فهل آن الأوان لئن
نرجع إلى الله – عز وجل – ونتمسـك بديننا الحنيف الذي هو حبل الله المتين
، ونكون عباد الله إخوانا وبعد : فكيف يكون الخلاص من هذا الوباء الذي
أصاب الأمة الإسلامية ؟

إن علاج التعصب باعتباره سلوكا متعلما يحتاج إلى الكثير من الوقت والجهد ،
حيث إنه يتكون بالتدريج ، فكما يتكون بالتدريج فلا يعالج إلا بالتدريج ،
وهذا الأمر هو الذي يجعله يحتاج إلى الكثير من الوقت والجهد ، ولعلاج
التعصب في أي مجتمع من المجتمعات ينبغي رسم خطة للمؤسسات التربوية التي
تؤثر في تنشئة الفرد بحيث تنهل هذه المؤسسات من مصدر واحد وهو الكتاب
والسنة المطهرة ، وتبث رسائلها ضد التعصب في آن واحد بحيث لا توجه الأسرة
رسالتها لأفرادها ضد التعصب ، ويبث الإعلام رسائل أخرى مناقضة لها تُحث
على التعصب ، الأمر الذي يؤدي إلى تضييع أثر مجهود الأسرة ، ووقوع الفرد
في صراع نتيجة هذا التناقض بين ما تبثه الأسرة وما تبثه وسائل الإعلام ،
كما ينبغي على المدرسة ووسائل الإعلام كمؤسسات تربوية أن تعمل على خلق قيم
تتفق وقيمنا الإسلامية التي تقاوم التعصب بين أفراد الأمة الإسلامية ،
فالمدرسة كالبوتقة تنصهر فيها القيم الفردية ، وتتحول إلى قيم جماعية
تُسهم في تنمية شخصية الفرد وتقاوم ما يسمى بوباء التعصب ، فهل تقوم
مؤسساتنا التربوية من ( مدرسة ، وأسرة ، ووسائل إعلام ) بهذا الدور الخطير
؟

إن التعصب الذي غرسه الغرب الصليبي بين المسلمين يؤدي حتما ، بل أدى
بالفعل إلى ضعف المسلمين وتداعي الأمم الكافرة عليها ، حيث قد تحقق ذلك
بالفـعل ، فتوالت المحن ، والمآسي المحنة تلو المحنة ، والمأساة تلو
المأساة ، وما البوسنة والهرسك ، وكوسوفا ، والشيشان ، وكشمير ، وفلسطين
منا ببعيد ، ففي أقل من خمسة أعوام ، وللأسف الشديد حدث كل هذا ، ولم
يتحرك للأمة الإسلامية ساكن ، سوى نشجب ونستنكر كالعادة ، وتعليق الآمال
على الأمم المتحدة التي أنشأها اليهود لحماية أنفسهم ، وتنفيذ مخططاتهم ضد
الإسلام والمسلمين ، فهل يصح أن ندع الذئب يحرس الغنم ؟ - وهذا ثابت في
بروتوكول حكماء صهيون الصادر عن اجتماعهم في جنيف 1897 م ، فمن ضمن بنوده
إنشاء حكومة دولية ، وفعلا أُنشئت 1945 والله أعلم بخطتها المستقبلية في
حالة ضعف المسلمين ، فقد توقعت أحدث دراسة أمريكية أجريت عن منطقة آسيا ،
زوال أكبر دولتين مسلمتين من الخريـطة الدولية ، وتنبأت الدراسة التي تحمل
عنوان ( آسيا 2025 م )(1)
وأثرها في الأمن القومي الأمريكي في القرن الحادي والعشرين ، وتوقعت في
إحدى سيناريوهاتها للمنطقة أن تزول كل من باكستان وإندونيسيا من الخريطة
العالمية ، وأن يكون مصيرهما الاندماج كل على حده ضمن تحالفات إقليمية ،
أو التفتت والانقسام بفعل النزاعات والحروب الطائفية ، وتستشرف الدراسة
أنه في غضون الـ ( 25 ) عاما القادمة ، ستقع أحداث عالمية جسيمة تؤثر
تأثيرا كبيرا في الأمن القومي الأمريكي ، ونظرا لهذا التأثير تسعى أمريكا
وتخطط لشن ضربات جوية أمريكية لتدمير المنشآت النووية الباكستانية متزامنة
مع هجوم هندي لإزالة الوجود الباكستاني من الخريطة وضمها إلى الهند في
إطار تحالف فيدرالي يشكل قوة هندية عظمى في مواجهة الصين ، ومن ثم تتوقع
الدراسة أن تحتل الهند مكانة مرموقة ، وتصبح قوة عسكرية عملاقة وماردا
اقتصاديا ، وهذا سيؤدي إلى تقارب الأيديولوجيات والاستراتيجيات بين الهند
العظمى وأمريكا ، وبهذا تتخلص الصهيونية العالمية وأمريكا من القوى
الإسلامية والصين ، وقد يقول البعض أن هذه مجرد تنبؤات لا تحمل فرضيات
منطقية ، وهنا نقول أن مثل هذه الدراسات ترمي إلى رسم سياسات دولية ووضعها
موضع التنفيذ كما حدث بالنسبة لبروتوكول حكماء صهيون فهذا البروتوكول كان
لا يخرج عن كونه رسم لسياسة دولية مستقبلية في ذاك الوقت ، وبالفعل تم
تنفيذه كاملا عدا خطوة واحدة وتسعى إسرائيل جاهدة هذه الأيام لتنفيذها ،
وهي تحديد دولة إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات ، كما أن الشاهد في
هذه الأيام يقول بصحة كلامنا ، وهو البدء في تنفيذ ثاني خطة تآمرية لتدمير
قـوة المسلمين تماما فما حـدث في إندونيسـيا من اقتطاع جزء منها ( تيمور
الشرقية ) تمهيدا لتأسيس دولة نصرانية في قلب دولة إسلامية كبرى يعتبر
الخطوة الأولى لتنفيذ المخطط التآمري وأيضا النزاع بين الهند وباكستان على
كشمير ومحاولة أمريكا إشعال فتيل الحرب بينهما لتدمير قوة باكستان
العسكرية ومنشآتها النووية تحت شعار الشرعية الدولية كما حدث بالنسبة
للعراق ، فهل آن الأوان إلى أن تفيق الأمة الإسلامية من غفلتها وتنبذ ما
بينها من خلافات وتعصبات ويعيش أفرادها عباد الله إخوانا ؟ ، هل آن الأوان
لئن تفيق الأمة الإسلامية من غفلتها وتعرف عدوها الحقيقي ؟ ، هل آن الأوان
إلى أن يفيق العرب ويتخلوا عن القومية ويستبدلون جامعة الدول العربية التي
لا حول لها ولا قوة بجامعة الشعوب الإسلامية ؟ ،هل آن الأوان للشعوب
الإسلامية أن توحد إطارها المرجعي ( الدستور ) فتنهل كلها من الكتاب
والسنة ، حتى إذا اختلفت في شيء ردته إلى الله ورسوله ، كما أمرنا الإسلام
، وهذا هو الحل الوحيد للتخلص مما يسمى بوباء التعصب ، وإحباط أي مخطط
تآمري ضد الأمة الإسلامية ، واستعادة مقدساتنا الإسلامية الأسيرة في يد
أحفاد القردة والخنازير ؟

وفي
ختام مقالنا هذا نطرح تساؤلا ينبغي أن نشغل أنفسنا به حتى نستعيد أمجادنا
كأمة إسلامية أعزها الله – عز وجل – بالإسلام ، ألا وهو : نرى أن الأمة
الإسلامية افترقت إلى أكثر من سبعين فرقة كما أخبرنا الرسول صلى الله عليه
وسلم ، وكل فرقة تدعي أنها هي الفرقة الناجية ، وتتعصب لفكرها ضد الفرق
الأخرى ، فما هو الحل لعلاج هذا التعصب الذي أدى إلى تفتيت قوة المسلمين ؟

هناك قاعدة ذهبية قال بها أحد الإسلاميين – رحمه الله – بعد أن بكى
الخلافة الإسلامية وهي ( هيا بنا نتعاون على ما اتفقنا عليه ويعذر بعضـنا
بعضـا على ما اختلفنا عليه ) ، هذه القاعدة إذا وعيناها سوف ينظر كلً إلى
الآخر على أنه شقيق له ، ويدرك المسلمون أن الاختلاف بينهم في الرأي وليس
في المبدأ ، وعلى ضوء ذلك سوف تقوم كل جماعة بتقييم الجماعة الأخرى تقييما
موضوعيا فتنظر كل جماعة إلى إيجابيات الأخرى قبل أن تنظر إلى سلبياتها ،
وبهذا تتقارب وجهات النظر فيزول ما بين الأمة الإسلامية من خلافات وتعصبات
وتقوم لها قائمة

وأخيرا هل من مُجيب حتى يكون لنا شرف القضاء على أحفاد القردة والخنازير ،
ونطهر مقدساتنا الإسلامية من دنسهم قاتلهم الله ؟ ، فبدلا من أن نكتفي
بالدعاء المأثور عن المسلمين في حالة ضعفهم وهو : ( اللهم أهلك الظالمين
بالظالمين ، وأهلك الكافرين بالكافرين وأخرجنا من بينهم سالمين ) ، نتلو
قول الله عز وجل : ( من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من
قضى نحـبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا … )(1)
، نسأل الله – عز وجل – أن نكون ممن ينتظر ليلحق بمن قضى نحبه من المؤمنين
، ونعرف أنه إذا جبنا فباطن الأرض خير لنا من ظاهرها ، فهيا بنا يا أمة
الإسلام نستمسك بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها بدلا من أن نتولى عنها
فيستبدل الله قوما غيرنا يكون لهم شرف الجهاد في سبيل الله وتحرير
المقدسات الإسلامية ، وما ذلك على الله بعزيز ، قال تعالى وهو أصدق
القائلين : ( هاأنتم هؤلاء تُدعون لتنفقوا في سبيل الله فمنكم من يبخل ومن
يبخل فإنما يبخل عن نفسه والله الغني وأنتم الفقراء وإن تتولوا يستبدل
قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم … )(2)
، وهل هناك أفضل ممن ينفق نفسه قبل ماله في سبيل الله ؟ ، قال تعالى : (
إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يُقاتلون في
سبيل الله فيقتلون ويُقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن
ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز
العظيم … )( 3)
، فهل من أذن صاغية حتى نستعيد أمجادنا بدلا من أن نبكي حالنا كما بكاه
حـافظ إبراهيم ، حيث وصف حال المسلمين منذ خمسين سنة ، وكأنه يصف حالهم
اليوم فقال :

لـم يبق شيئا من الدنيا بأيدينا إلا بـقية دمـع في مقـايينا

كنا قـلادة جيد الدهر فانفرطت وفـي يمين العـلا كنا رياحينا

كانت منازلنا في العز شامـخة لا تُشرق الشمس إلا في مغانينا

وكان أقصى من نهر المجرة لو من مـائة فرجت أقداح ساقينا

والشـهب لو أنـها كانت مسخرة لرُجـم من كان يبدو من أعادينا

ديـــــــــسط أون لايــــــن

ديـــــــــسط أون لايــــــن

ديـــــــــسط أون لايــــــن

ترحيب

فيلم ديسط

المواضيع الأخيرة

المواضيع الأكثر شعبية

التعصب آفة المجتمعات الإسلامية وتفتيت لقواها

التعصب آفة المجتمعات الإسلامية وتفتيت لقواها

مواضيع مماثلة

مواضيع مماثلة