التربية الإسلامية لدى الإخوان المسلمين

الاخوان المسلمين: عضو مميز; الساعه الان :
عدد المساهمات : 24
نقاط : 41
تاريخ التسجيل : 01/06/2011

مساهمة رقم 1

التربية الإسلامية لدى الإخوان المسلمين

من طرف الاخوان المسلمين الجمعة سبتمبر 09, 2011 11:07 pm

بقلم: عامر شماخ

تمثل حركة الإخوان المسلمين مدرسة نموذجية ناجحة للتربية الإسلامية الحقة، وإن أهم ما حققته هو تكوين جيل مسلم جديد، يفهم الإسلام فهمًا صحيحًا، ويؤمن به إيمانًا عميقًا، ويعمل به في نفسه وأهله، ويجاهد لإعلاء كلمته، وتحكيم شريعته، وتوحيد أمته.

وقد ساعد على هذا النجاح جملة عوامل:

- إيمان لا يتزعزع بأن التربية هي الوسيلة الفذة لتغيير المجتمع، وبناء الرجل، وتحقيق الآمال.

- منهاج للتربية محدد الأهداف، واضح الخطوات، معلوم المصادر، متكامل الجوانب، متنوع الأساليب، قائم على فلسفة بينة المفاهيم، مستمدة من الإسلام دون سواه.

- جو جماعي هيأته الجماعة، من شأنه أن يعين كل أخ مسلم على أن يحيا حياة إسلامية، فالجماعة قوة على الخير والطاعة، عصمة من الشر والمعصية.

- عدد من المربين المخلصين، الأقوياء الأمناء، من ذوى الإيمان القوي، والإرادة الصلبة، والعاطفة الجياشة، والقدرة على التأثير في الآخرين.

- وسائل متنوعة، من دروس وخطب، ومحاضرات وندوات، وأحاديث وشعارات، وأناشيد ولقاءات، تتجدد فيها العقول بالثقافة، والقلوب بالعبادة، والأجسام بالرياضة.

وللتربية في فهم الإخوان وتطبيقهم- كما أشار إليها الدكتور القرضاوى في كتاب (التربية الإسلامية ومدرسة حسن البنا)- خصائص بارزة ومميزات ظاهرة أهمها:

1- الربانية:

وذلك لأن أول هدف للتربية الإسلامية هو تكوين الإنسان المؤمن، من هنا عاد الإخوان إلى المنابع الصافية يستمدون منها حقيقة الإيمان، إيمان الكتاب العزيز والسنة المطهرة، إيمان الصحابة ومن تبعهم بإحسان من سلف الأمة.. لقد عمدت التربية الإخوانية إلى إحياء القلوب حتى لا تموت، وعمارتها حتى لا تخرب، وترقيقها حتى لا تقسو، وكان من ثمرات هذه التربية أن ظهر في الجماعة كثير من الجنود المجهولين، الأتقياء الأخفياء، الذين يكثرون عند الفزع ويقلّون عند الطمع، بذلوا أموالهم وأنفسهم رخيصة لله، وقاتلوا في فلسطين والقناة، وقدموا من روائع البطولات دون أن يلتمسوا من أحد جزاءً أو شكورًا.

2- التكامل والشمول:

لقد فهم الإخوان أن التربية الإسلامية لا تقتصر على جانب واحد من جوانب الإنسان، فلا تهتم مثلاً بالناحية الروحية أو الخلقية وتترك الناحية الاجتماعية، أو تهتم بالجانب الفكري وتترك الجانب التدريبى والبدني.. بل اهتمت بكلِّ هذه الجوانب جميعًا.

فقد اعتنوا بالجانب العقلي عناية كبيرة؛ لعناية الإسلام نفسه به، ولهذا جعل الإمام البنا (الفهم) أول أركان البيعة، وقدّمه على الإخلاص والعمل والجهاد، وجاء في النظام الأساسي للإخوان في بيان أغراض الجماعة وأهداف الحركة أن في مقدمتها (الغرض العلمي)؛ لتكوين (عقلية مسلمة) تفهم الدين والحياة فهمًا صحيحًا.

واهتموا كذلك بالجانب النفسي أو الخلقي؛ باعتباره المحور الأول للتغيير الاجتماعي، وكان الإمام البنا يسميه (عصا التحويل) وكان يردد: إن أزمة العالم إنما هي أزمة نفوس وضمائر، قبل أن تكون أزمة اقتصاد وسياسة، ومن هنا عنى الإخوان بغرس عدد من الفضائل في نفوس رجالهم، كالصبر، والثبات، والأمل، والبذل.

ولم يغفل الإخوان في تربيتهم الجانب البدني للأخ؛ فالبدن هو مطية الإنسان للوصول إلى أهدافه، والقيام بأعبائه الدينية والدنيوية.. وهدف الإخوان من هذه التربية: صحة الجسم وسلامته من الأمراض، قوة الجسم ومرونته، خشونته وتحمله، ولهذا اهتموا بإنشاء الأندية الرياضية، والفرق الكشفية، وتنظيم الرحلات والمعسكرات؛ لتحقيق ذلك كله.

ومن جوانب التربية التي تميزت بها حركة الإخوان: التربية الجهادية.. لقد أحيت الجماعة تلك الفريضة، واعتبرها الإمام المؤسس أحد أركان البيعة العشرة، وأحد هتافات الجماعة المعبرة عنها: "الجهاد سبيلنا، والموت في سبيل الله أسمى أمانينا"، وكانت ثقافة الإخوان وتربيتهم بصفة عامة، تنمي فيهم شعور العزة والكرامة، وخلق البذل والعطاء، وروح الفداء وحب الاستشهاد، كما تزرع فيهم معاني الخيرية المؤمنة من الطاعة والنظام وإنكار الذات في سبيل الجماعة. ولقد رُبِّي الإخوان على أن العمل لخير المجتمع جزء من رسالة المسلم في الحياة.. لذا كانت شُعب الإخوان كلها دورًا للإصلاح الاجتماعي ومراكز لخدمة الشعب بكلِّ الوسائل المتاحة، من تعليم، إلى تدريب، إلى علاج، إلى رعاية اجتماعية، إلى إرشاد ديني وصحي.

ومن الجوانب المهمة التي عنيت بها التربية الإخوانية: الجانب السياسي، وما يتصل بشئون الحكم، ونظام الدولة، والعلاقة بين الحكومة والشعب، والعلاقة بين الدولة وغيرها من الدول، وغيرها من القضايا.. ولقد قامت التربية السياسية عند الإخوان على: تقوية الوعي والشعور بوجوب تحرير الأرض الإسلامية من كل سلطان أجنبي، وإجلاء المحتل الغاصب عن ديار الإسلام، وإيقاظ الوعي والشعور بفرضية إقامة (الحكم الإسلامي) باعتباره فريضة شرعية، وضرورة قومية وإنسانية.

3- الإيجابية والبناء:

اتجه مؤسس الجماعة الأول، بطاقته وطاقة الإخوان من حوله إلى الإيجابية والإنتاج، بدل الاشتغال بلغو القول ولهو الحديث، وعبث الصبيان والبحث عن عيوب الآخرين.. لذا فإن الإخوان أحرص الناس على دفع السلبية والتواكل، والاستسلام والتشاؤم، وروح المراء والجدل العقيم، وإنما يبذلون جهودهم في مجالات كثيرة ومتنوعة، تستغرق أوقاتهم، وتستنفد قدراتهم.. فهم مطالبون بإصلاح أنفسهم ودعوة غيرهم إلى الخير، ومطالبون كذلك بتكوين بيوت مسلمة، وإرشاد مجتمعاتهم؛ بنشر دعوة الخير فيها، ومحاربة الرذائل والمنكرات، ومطالبون بكسب الرأي العام، إلى جانب الفكرة الإسلامية، ومطالبون بتحرير الوطن، وإصلاح الحكومة، وإعادة الكيان الدولي للأمة الإسلامية.

لقد تربى الإخوان على الإحساس بقيمة الوقت، والحرص على الانتفاع به، وهم في كل زمان ومكان، يبذلون الجهد، ويتحركون لغاية، ولا يضيعون دقيقة من ليل أو نهار إلا وهم منشغلون فيما أحل الله، إما في أعمال دعوة أو أعمال دنيا شريفة يخدمون بها الدين.

4- الاعتدال والتوازن:

فالإخوان يوازنون بين العقل والعاطفة، والمادة والروح، والنظر والعمل، والفرد والمجتمع، والشورى والطاعة، والحقوق والواجبات، والقديم والجديد.

وهم يجمعون بين عقل السلفي المتبع، وقلب الصوفي المتذوق.. إنهم سلفيون، يؤمنون بالتوحيد، ويحاربون الشرك، ويتبنون منهج السلف في آيات الصفات وأحاديثها.. وهم في تزكية الأنفس وتهذيب الأخلاق يأخذون من المناهج الصوفية ما يرقّى الروح ويطهر القلب، ويوثق الصلة بالله، والحب فيما بينهم. وهم معتدلون متوازنون في نظرتهم إلى المجتمع، إنهم ينظرون إلى مجتمعهم من أفق رحب، ومن زوايا متعددة، فهو ليس مجتمعًا خالص الإسلام كامل الإيمان، ومع هذا فهم يحترزون من الوقوع في خطيئة التكفير، والوقوع فيما وقع فيه الخوارج من قبل. وهم معتدلون في موقفهم من الدعوات والأفكار الأخري، فهم يتمتعون بروح طيبة سمحة، وقلب كبير.

5- الأخوة والروح الجماعية:

تقوم دعوة الإخوان المسلمين على ثلاثة أركان هي: الفهم الدقيق، والإيمان العميق، والحب الوثيق.. ولقد عرف القاضي والداني مقدار الترابط المتين الذي يربط الإخوان بعضهم ببعض، وقد جعل إمامهم ومؤسسهم الأول (الأخوة) أحد أركان البيعة العشرة.. والناظر لتجمعات الإخوان يلاحظ زوال كل الحواجز، وسقوط كل الفوارق بين أفرادهم، فلا تجد بينهم سوى المحبة والمودة والعاطفة الجياشة. جيل جديد من الناس لقد ربى الإخوان المسلمون أجيالاً عديدة تربية إسلامية صميمة، وقدموا نماذج من الجيل المسلم الوطني، يتميز بنظافة اليد ونقاء الضمير، ممن يعيشون بفكرة، ويعملون لغاية، ويكافحون في سبيل عقيدتهم، ويعطون ولا يأخذون، ويؤمنون بالله واليوم الآخر، ويتمسكون بالفضيلة ومكارم الأخلاق، يؤثرون البذل والتضحية في سبيل الله وابتغاء مرضاته، ويعزفون عن الدنيا وشهواتها ومطامعها الزائلة.. لقد سعى الإمام البنا والإخوان من بعده، إلى السير على خطى الحبيب في تربية الرجال، فكان هدف الدعوة الأول أن تصنع رجالاً لا أن تلقى مواعظ، وأن تصوغ ضمائر لا أن تدبج خطبًا، وأن تبنى أمة لا أن تقيم فلسفة، وأن تحول الفكرة المجردة إلى رجال تلمسهم الأيدي وتراهم العيون، فكان سمت الدعوة في رجالها: العمل المتواصل الذي لا يتوقف، كما قال الإمام المؤسس: "وقد أعددنا لذلك إيمانًا لا يتزعزع، وعملاً لا يتوقف، وثقة بالله لا تضعف، وأرواحًا أسعد أيامها يوم تلقى الله شهيدة في سبيله".. وهكذا ربت دعوة الإخوان أفرادها على أن يكونوا شخصية تجمع الخير من جميع جوانبه انطلاقًا من قوله تعالي: (ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (77)) (الحج: من الآية 77)، وأن يكونوا عمليين في كل ميدان يدخلونه، فإذا جدّ الجد، ودعا داعي الجهاد كانوا فرسان الميدان جنود الحق باذلي الأنفس، وإذا دخلوا ميدان السياسة كانوا أبصر الناس بالمصالح والمفاسد، وأعلمهم بالسياسة الشرعية، وأقضى الناس لحاجات العباد، وإذا عاملوا الناس في التجارة كانوا أصدقهم وأكثرهم أمانة.

سمات وفضائل رجال الإخوان:

لقد كان لهذه المدرسة تأثير في عقول أبنائها، وفي قلوبهم، وفي أخلاقهم وسلوكهم، بحيث أصبح لهم سمات وفضائل عُرفوا بها، وكأنما هي شامة لهم.. من هذه الفضائل:

- الاستعداد للبذل والتضحية إلى غير حد، فكل واحد من هؤلاء: هو جندي عقيدة لا جندي غنيمة، مهمته أن يعطى لا أن يأخذ، وأن يضحى لا أن يستفيد.

- الاستعداد لمواجهة المحن والشدائد.. فالجميع يعلمون أن طريق الدعوة ليس مفروشًا بالأزهار والرياحين، بل هو مغروس بالأشواك، مضرج بدماء الشهداء، تتناثر عن يمينه وعن شماله أشلاء ضحايا البطش والقهر والجبروت.

- الأمل في نصر الله، واليقين أن الغد لدعوة الإسلام، والمستقبل للمسلمين، معتبرين هذا الأمل جزءًا من الإيمان، واثقين أن الإسلام أصلب ما يكون عودًا، وأشد ما يكون قوة، وأصفى ما يكون جوهرًا، حين تحيط به الشدائد، وتحلُّ بساحته الكروب.

"ومهما يقل القائلون ويتجن المتجنون، فلقد اكتسبت دعوة الإخوان في مصر وفي غيرها من بلاد العرب مجموعات من خيرة عناصر الوطن: توقُّد عقول، وزكاة نفوس، وتدفق مشاعر، وقوة عزائم، وطهارة أخلاق، وسمو أرواح، صقلهم الدين، وضمهم الإسلام في رحابه، وتولاهم بتربيته وتزكيته، فثقفهم عقولاً، ونقاهم قلوبًا، وقواهم أجسامًا".

وهذا ما دعا الشاعر الكبير محمود غنيم إلى أن يقول فيهم:

حييت فيك عصابة

لبسوا على الطهر الثياب

ومشوا على سنن الهدى

والدين في شرخ الشباب

هم في المصلى خاشعو

ن وفي الكريهة أسد غاب

لم يحسبوا إلا حسا

ب الله في يوم الحساب

أو يبتغوا من غيره

في هذه الدنيا الثواب

أقسمت أن معادن الإ

خوان من ذهب لباب

ومبادئ الإخوان أنـ

ـفع للعليل من الشراب

المصلحون الطارقو

ن إلى الهداية كل باب

الصامتون عن الهرا

ء الناطقون بغير عاب

القائلون كأنما

قد ألهموا فصل الخطاب

الكاتبون بكل سنّ

يقطر الشهد المذاب

ليس التدين عندهم

محض السجود والاقتراب

- ويقول الكاتب الكبير إحسان عبد القدوس (في تحقيق له نشره في مجلة (روز اليوسف) في 13 من سبتمبر 1945) يصف شباب الإخوان وقتها: "وهم مع كل ذلك شباب (مودرن)، لا تحس فيهم الجمود الذي امتاز به رجال الدين وأتباعهم، ولا تسمع في أحاديثهم التعاويذ الجوفاء التي اعتدنا أن نسخر منها، بل إنهم واقعيون يحدثونك حديث الحياة لا حديث الموت، قلوبهم في السماء، ولكن أقدامهم على الأرض، يسعون بها بين مرافقها، ويناقشون مشكلاتها، ويحسون بأفراحها وأحزانها، وقد تسمع فيهم من (ينكِّت) ومن يحدثك في الاقتصاد، والقانون، والهندسة والطب".

- ويقول الأستاذ محمود عبد الحليم في كتابه أحداث صنعت التاريخ (1):

وتحضرني في هذا الصدد واقعة حدثت في خلال هذه الحقبة من الزمن التي نعالج وصف حال الدعوة فيها، وقد حدثني صاحبها عنها في وقتها: وصاحب هذه الواقعة كان أخًا صغيرًا من إخوان شعبة فوة، وكان إذ ذاك في سن دون العشرين اسمه الأخ مصطفى عناني وكان يعمل نجارًا في ورشة والده، ولم تتح له الظروف أن يحصل على أدنى قسط من التعليم لكنه كان ملمًا بشيء من مبادئ القراءة والكتابة، فلما شب وصار في السن الذي ذكرت كلفه والده بأن ينوب عنه في شراء الخشب الذي يلزمهم من الإسكندرية، فكان إذا أعد نفسه لهذه المهمة لبس "بدلة" بدلاً من ملابس الشغل، وكان سفره دائمًا في الدرجة الثالثة من القطار... وكان طلاب جامعة الإسكندرية من أهل دمنهور وما حولها يذهبون صباح كل يوم إلى الإسكندرية بالقطار ويرجعون إلى دمنهور بعد انتهاء الدروس بقطار المساء.

قال لي الأخ مصطفى: أنهيت عملي في الإسكندرية في ذلك اليوم وذهبت إلى محطة الإسكندرية لأخذ القطار الذي يوصلني إلى دمنهور كالمعتاد - حيث دمنهور هي المحطة الأولى في ذلك الوقت بين الإسكندرية وفوة- قال: فوجدت القطار مزدحمًا أشد ازدحام في الدرجة الثالثة فانتقلت إلى عربة من عربات الدرجة الثانية فوجدت في أحد دواوينها مكانًا شاغرًا فاقتحمت إليه وجلست فيه.. وتحرك القطار فلاحظت أن السبعة الموجودين معي في الديوان من طلبة جامعة الإسكندرية وأخذوا يتناقشون في المشكلات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي كانت تشغل بال الناس في ذلك الوقت، وظلوا يتناقشون وأنا أستمع، فكنت أنا الوحيد الذي التزم الصمت في حين تكلم الجميع.. ويبدو أنهم لم يعتادوا أن يروا في مجتمعهم هذا من يلتزم الصمت، فاتجه نحوي أحدهم وسألني: لِمَ لمْ تشترك معنا في الحديث؟ وما رأيك فيما أثير من موضوعات؟ فاعتذرت إليهم عن هذا الصمت ودخلت معهم في المناقشة وأخذت أتناول كل موضوع أثاروه وأحلله وأناقشه في ضوء الدعوة، فرأيت الجلسة قد تغير وضعها واتخذت وضعًا آخر، فبعد أن كان النقاش يدور بحيث يتبادلون الحديث فيأخذ كل منهم بطرف، رأيتهم جميعًا قد التزموا الصمت واتجهوا إلى بأسماعهم وأبصارهم. قال: وظللت في تناولي للمواضيع المثارة بالأسلوب الذي ذكرتُ حتى أتيت عليها جميعًا، وحينئذٍ كان القطار قد قارب محطة دمنهور، فتقدم إلى كل واحد من السبعة يريد أن يتعرف على وسألوني: في أي كلية أنت؟ فابتسمت، فقالوا: لا تؤاخذنا في هذا السؤال فنحن نعرف أنك لا بد أن تكون طالبًا في الدراسات العليا، ولكننا نحب أن نتعرف إلى كليتك؛ لأننا معجبون بمعلوماتك وثقافتك العالية، وهذه فرصة نحب ألا تفلت منا لنحرص كل يوم على أن تكون معنا في قطار واحد، وفي ديوان واحد لنستفيد منك.. قال الأخ مصطفى: فابتسمت أيضًا، وكان القطار قد أوشك على دخول المحطة، فقلت لهم: إنني لست في جامعة الإسكندرية ولكنني في جامعة أعظم منها، قالوا: في جامعة القاهرة؟ قلت: لا، بل جامعة أعظم، قالوا: أين هذه الجامعة؟ قلت لهم: أنا في جامعة الإخوان المسلمين وأنا لست طالبًا، وإنما أنا نجار لا أكاد أحسن القراءة والكتابة، ولكنني تربيت في هذه الجامعة فخرَّجتْ مني ما ترون، ومع ذلك فما أنا إلا من أصغر طلابها.

وهذه الصياغة التي صاغتها الدعوة للإخوان المسلمين ليست بدعًا، وإنما هي طبيعة هذه الدعوة ودأبها وديدنها، فهي التي صاغت من الرعيل الأول عمر بن الخطاب وأبا عبيدة بن الجراح وسعد بن أبي وقاص وخالد بن الوليد وأسامة بن زيد وأبا ذر الغفاري والمثني بن حارثة، وإخوانهم.. فلم يكن هؤلاء من العلماء الذين درسوا علوم الاجتماع والتاريخ ولا فنون الحرب والسياسة حتى صاروا أعلامًا في هذه العلوم والفنون، بل كانوا رجالاً كسائر رجال الجزيرة العربية الذين سماهم القرآن "الأميين".

- ويحكي الأستاذ عمر التلمساني حكاية أخرى تؤكد كيف أنتجت جماعة الإخوان ناسًا تميزوا عن الناس، وجيلاً مختلفًا تمام الاختلاف عن غيره من الأجيال، يقول: "ذهبت في سنة 1971 مع قريب لي لزيارة رئيس إدارة النيابات؛ لرفع الاشتباه غير القانوني الذي وضعني فيه البوليس من أذناب عبد الناصر، وقد حملني قريبي هذا حملاً من أجل هذه الزيارة التي سرتني وأثلجت صدري.. فبعد استجابة رئيس النيابات وإلغاء الإنذار، دخل أحد وكلاء النيابة علينا وطلب- في انفعال- من رئيس النيابات نقل الساعي الخاص به؛ لأنه يرفض أن يشتري له السجائر والأشياء الخاصة، ويقول إنه يتقاضي راتبه من الحكومة للقيام بالأعمال المصلحية وليس للخدمات الخاصة...

فقال رئيس النيابات لمرءوسه: لك ما طلبت فإني بحاجة إلى مثل هذا الرجل، الذي يعتز بكرامته رغم صغر وظيفته...

ويستطرد الأستاذ عمر: وحرصت على معرفة هذا الساعي الشجاع، فتعرفت إليه فإذا هو أحد أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، فسألته عن سبب تصرفه بهذا الشكل مع رئيسه فأجاب: "إن حسن البنا طلب مني أن أحترم رؤسائي، وأن أحترم- في الوقت ذاته- نفسي أمامهم، بأداء واجبي نحوهم على الوجه الأكمل. وأوصاني أن أترفع عن القيام بالأعمال التي لا تليق بالأخ المس

لم"

نورهان حامد

نورهان حامد: عضو ذهبى; الساعه الان :
عدد المساهمات : 170
نقاط : 277
تاريخ التسجيل : 26/05/2011

مساهمة رقم 2

رد: التربية الإسلامية لدى الإخوان المسلمين

من طرف نورهان حامد السبت سبتمبر 10, 2011 6:49 pm

اعترض على العنوان
يعنى ايه التربية الإسلامية لدى الإخوان المسلمين التربيه الاسلاميه
يجب على المسلمين كلهم ومبادىء التربيه الاسلاميه واحده
ولا تتجزأ على فئه واحده
واتمنى من الاداره حذف العضو لانه يهدف فقط الدعايه لحركه سياسيه وشكرآ

ديـــــــــسط أون لايــــــن

ديـــــــــسط أون لايــــــن

ديـــــــــسط أون لايــــــن

ترحيب

فيلم ديسط

المواضيع الأخيرة

المواضيع الأكثر شعبية

التربية الإسلامية لدى الإخوان المسلمين

التربية الإسلامية لدى الإخوان المسلمين

رد: التربية الإسلامية لدى الإخوان المسلمين

مواضيع مماثلة

مواضيع مماثلة